كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال ابن عربي‏:‏ اغطس في بحر القرآن إن كنت واسع النفس وإلا فاقتصر على مطالعة كتب التفسير لظاهره ولا تغطس فتهلك فإن بحره عميق ولولا قصد الغاطس للمواضع القريبة من الساحل ما خرج لكم أبداً فالأنبياء والورثة هم الذين يقصدون هذه المواضع رحمة بالعالم وأما الواقفون الذين وصلوا ومسكوا ولم يردوا ولم ينتفع بهم أحد ولا انتفعوا بأحد بل قصدهم بشج البحر فغطسوا فهم إلى الأبد لا يخرجون‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ ورواه البغوي في شرح السنة عن الحسن وابن مسعود مرفوعاً‏.‏

2728 - ‏(‏أنزل القرآن على ثلاثة أحرف‏)‏ لا يناقض السبعة بجواز أن اللّه أطلعه أولاً على القليل ثم الكثير كما عرف من نظائره‏.‏

- ‏(‏حم طب ك عن سمرة بن جندب‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح ولا علة له وأقره الذهبي‏.‏

2729 - ‏(‏أنزل القرآن على ثلاثة أحرف فلا تختلفوا فيه ولا تحاجوا‏)‏ بحذف التاءين للتخفيف ‏(‏فيه فإنه مبارك كله‏)‏ أي زائد الخير كثير الفضل ‏(‏فاقرأوه كالذي أقرئتموه‏)‏ بالبناء للمجهول أي كالقراءات التي أقرأتكم إياها كما أنزله علي بها جبريل‏.‏ ‏{‏فائدة‏}‏ قال المؤلف‏:‏ من خصائصه أن كتابه معجز ومحفوظ من التبديل والتحريف على ممر الدهور ومشتمل على ما اشتملت عليه الكتب وزيادة وجامع لكل شيء ومستغن عن غيره وميسر للحفظ ونزل منجماً على سبعة أحرف وسبعة أبواب وبكل لغة عد هذه ابن النقيب وقراءته بكل حرف عشر حسنات عد هذه الزركشي‏.‏

- ‏(‏ابن الضريس عن سمرة‏)‏ بن جندب ورواه عنه أيضاً الطبراني والبزار لكن بلفظ ولا تجافوا عنه بدل تحاجوا فيه قال الهيثمي‏:‏ وإسنادهما ضعيف اهـ فما أوهمه صنيع المؤلف من أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز غير جيد‏.‏

2730 - ‏(‏أنزل القرآن على عشرة أحرف‏)‏ أي عشرة وجوه ‏(‏بشير‏)‏ اسم فاعل من البشارة وهي الخبر السار ‏(‏ونذير‏)‏ من الإنذار الإعلام بما يخاف منه ‏(‏وناسخ ومنسوخ‏)‏ أي حكم مزال بحكم ‏(‏وعظة‏)‏ ‏{‏قد جاءتكم موعظة من ربكم‏}‏ ‏(‏ومثل‏)‏ ‏{‏تلك الأمثال نضربها للناس‏}‏ ‏(‏ومحكم‏)‏ فسره في الكشاف بما أحكمت عبارته بأن أحكمت من الاحتمال ‏(‏ومتشابه‏)‏ فسره بما يكون عبارته مشتبهة محتملة قال‏:‏ ففي المحكم سهولة الاطلاع مع طمأنينة قلب وثلج صدر وفي المتشابه تقادح العلماء وإتعابهم القرائح في استخراج معانيه وردّه إلى المحكم من الفوائد الجليلة والعلوم الجمة ونيل الدرجات ‏(‏وحلال‏)‏ وهو الذي به صلاح النفس والبدن لموافقته تقويمها ‏(‏وحرام‏)‏ وهو ما لا يصلح النفس والبدن إلا بالتطهير منه لبعده عن تقويمها وأشار بتأخير هذين الحرفين وهما حرفا صلاح الدنيا وأصلهما في التوراة وتمامها في القرآن ويلي هذين حرفا صلاح المعاد وهما حرفا البشارة والنذارة والزجر والنهي وذلك يأتي على كثير من خلال الدنيا لوجوب إيثار الآخرة لبقائها وكليتها على الدنيا لفنائها وجزئيتها وأصل هذين الحرفين في الإنجيل وتمامهما في القرآن ويليهما حرفا ‏[‏ص 56‏]‏ صلاح الدين حرف المحكم الذي بان للعبد فيه خطاب ربه من جهة أحوال قلبه وأخلاقه وأعمال بدنه فيما بينه وبين ربه بغير التفات لما سواه وحرف المتشابه الذي لا يتبين للعبد فيه خطأه من حيث قصور عقله عن دركه إلا أن يؤيده اللّه بتأييده فالحروف الخمسة للاستعمال والسادس للوقوف ليقف العبد للّه بحرف كما أقدم اللّه على تلك الحروف ولينسخ بعجزه وإيمانه ما تقدَّم من طرفه وعلمه وأصل هذين في الكتب المتقدمة وتمامها في القرآن ويختص بالسابع الجامع بين المثل الأعلى ومظهر الممثول الأعظم حرف الحمد الخاص بمحمد وكتابه وهو حرف المثل ولا ينال إلا بموهبة من اللّه لعبده فليتدبره من عقل، ذكره كله الحرالي‏.‏

- ‏(‏السجزي‏)‏ في كتاب ‏(‏الإبانة‏)‏ عن أصول الديانة ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن عن أبي سلمة مرفوعاً بلفظ نزل القرآن على سبعة أحرف حلال وحرام ومحكم ومتشابه وضرب أمثال وخبر ما كان قبلكم وخبر ما هو كائن بعدكم فأحلوا حلاله وحرموا حرامه واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه واعتبروا بأمثاله قال الكمال ابن أبي شريف‏:‏ ورجال إسناده أئمة من رجال الصحيحين إلا عمر بن أبي سلمة فمن رجال السنن لكن فيه انقطاع‏.‏

2731 - ‏(‏أنزل القرآن بالتفخيم‏)‏ أي التعظيم ومن تفخيمه إعطاؤه حقه وقفاً وابتداء فإن رعاية الفواصل تزيد في البيان وزيادته تورث التوقير أي التعظيم يعني اقرأوه على قراءة الرجال ولا تخضعوا الصوت به ككلام النساء ولا يدخل فيه كراهة الإمالة التي هي اختيار بعض القرّاء‏.‏

- ‏(‏ابن الأنباري‏)‏ في كتاب ‏(‏الوقف‏)‏ والابتداء ‏(‏ك‏)‏ في التفسير من حديث بكار بن عبد اللّه عن محمد بن عبد العزيز العوفي عن أبي الزناد عن خارجة ‏(‏عن‏)‏ أبيه ‏(‏زيد بن ثابت‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح فقال الذهبي‏:‏ لا واللّه العوفي مجمع على ضعفه وبكار ليس بعمدة والحديث واه منكر، إلى هنا كلامه، وأنت بعد إذ عرفت حاله علمت أن المصنف في سكوته عليه غير مصيب‏.‏

2732 - ‏(‏أنزل عليّ آيات‏)‏ أحد عشر ‏(‏لم نر‏)‏ بالنون وروي بياء مضمومة ‏(‏مثلهن قط‏)‏ من جهة الفضل كذا قال والأظهر أن المراد لم تكن سورة آياتها كلها تعويذ من شر الأشرار وغيرهما وعلى الأوّل فلا يعارض ما تقدم في آية الكرسي لأن تلك آية واحدة وهذه آيات أو يقال إنه عام مخصوص أو يقال ضمّ هذا إلى ذلك ينتج أن الجميع سواء في الفضل‏.‏ ذكره الأبي ‏(‏قل أعوذ برب الفلق‏)‏ الصبح لأن الليل يفلق عنه وفي المثل هو أبين من فلق الصبح أو الخلق لأنه فلق عنهم ظلمة العدم أو جهنم أو جبّ أو سجن أو بيت فيها إذا فتح صاح أهل النار من شدة حره أو ما ينفلق من النوى والحب أو ما ينفلق من الأرض عن النبات أو الجبال عن العيون والسحاب عن المطر والأرحام عن الأولاد وقيل فلق القلوب بالأفهام حتى وصلت إلى الدلائل والأعلام والمراد هنا السورة بكمالها وهكذا فيما يأتي ‏(‏وقل أعوذ برب الناس‏)‏ أي مربيهم وخصه به تشريفاً ولاختصاص التوسوس به فالاستعاذة واقعة من شر الموسوس في صدور الناس فكأنه قيل أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يتعوذ من شر الجان والإنسان بغيرهما فلما نزلتا ترك التعوذ بما سواهما ولما سحر استشفى بهما هذا وقد بين بهذا الخبر عظم فضل هاتين السورتين وأن لفظة قل من القرآن وعليه الإجماع قال عياض‏:‏ وفيه رد على من نسب لابن مسعود كونهما ليستا من القرآن وعلى من زعم أن لفظ قل ليس من السورتين وإنما أمر أن يقول فقال‏.‏

- ‏(‏م ت ن عن عقبة بن عامر‏)‏ الجهني‏.‏

‏[‏ص 57‏]‏ 2733 - ‏(‏أنزل عليَّ عشر آيات من أقامهن‏)‏ أي عدلهنّ وأحسن قراءتهن بأن أتى بهنَّ على الوجه المطلوب في حسن الأداء ‏(‏دخل الجنة‏:‏ قد أفلح المؤمنون‏)‏ أي دخلوا في الفلاح والفلاح الظفر بالمراد أي فازوا وظفروا بمرادهم قطعاً إذ قد لتقريب الماضي من الحال وللتأكيد فكأن الفلاح قد حصل وهو الشهادة أو إدراك المطلوب والنجاة من الموهوب قال في الكشاف‏:‏ قد نقيضة لما تثبت المتوقع ولما تنفيه ولا شك أن المؤمنين كانوا متوقعين لمثل هذه البشارة وهي الإخبار بثبات الفلاح لهم فخوطبوا بما دل على ثبات ما توقعوه اهـ ‏(‏الآيات‏)‏ العشرة من أول السورة والمراد أنه يدخل الجنة مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب وإلا فالمؤمن الذي لم يقرأهن قط لا بد من دخوله الجنة وإن حوسب أو عذب‏.‏

- ‏(‏ت عن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

2734 - ‏(‏أنزلت صحف إبراهيم‏)‏ بضمتين جمع صحيفة وأصلها كما قال الزمخشري قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه وتقول أي العرب صحائف الكتب خير من صحاف الذهب وفي الصحاح الصحيفة الكتاب ‏(‏أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان‏)‏ قال الحليمي‏:‏ يريد به ليلة خمس وعشرين نقله عنه البيهقي وأقره اهـ‏.‏ ثم إن ما ذكر من إنزاله في تلك الليلة أراد به إنزاله إلى اللوح المحفوظ فإنه نزل عليه فيها جملة ثم أنزل منه منجماً في نيف وعشرين سنة وسره كما قال الفخر الرازي أنه لو نزل جملة واحدة لضلت فيه الأفهام وتاهت فيه الأوهام ‏{‏لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية اللّه‏}‏ فهو كالمطر لو نزل دفعة لقلع الأشجار وخرب الديار وقال السيد‏:‏ في تنزيله منجماً تسهيل ضبط الأحكام والوقوف على حقائق نظم الآيات قال ابن حجر‏:‏ وهذا الحديث مطابق لقوله تعالى ‏{‏شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن‏}‏ ولقوله ‏{‏إنا أنزلناه في ليلة القدر‏}‏ فيحتمل أن تكون ليلة القدر في تلك السنة كانت تلك الليلة فأنزل فيها جملة إلى سماء الدنيا ثم أنزل في اليوم الرابع والعشرين إلى الأرض أول ‏{‏اقرأ باسم ربك‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب عن واثلة‏)‏ بن الأسقع قال الهيثمي‏:‏ فيه عمران القطان ضعفه يحيى ووثقه ابن حبان وبقية رجاله ثقات اهـ‏.‏ ورواه عنه أيضاً أحمد والبيهقي في الشعب باللفظ المزبور من هذا الوجه لكن لم أر في النسخة التي وقفت عليها في أوله صحف إبراهيم والبقية سواء‏.‏

2735 - ‏(‏أنزلوا الناس منازلهم‏)‏ أي احفظوا حرمة كل واحد على قدره وعاملوه بما يلائم حاله في عمر ودين وعلم وشرف فلا تسووا بين الخادم والمخدوم والرئيس والمرؤوس فإنه يورث عداوة وحقداً في النفوس والخطاب للأئمة أو عامّ وقد عد العسكري هذا الحديث من الأمثال والحكم وقال‏:‏ هذا مما أدَّب به المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمته من إيفاء الناس حقوقهم من تعظيم العلماء والأولياء وإكرام ذي الشيبة وإجلال الكبير وما أشبهه‏.‏

- ‏(‏م د عن عائشة‏)‏ الصديقية وفيه أمران‏:‏ الأوّل أنه يوهم أن مسلماً خرجه مسنداً ولا كذلك بل ذكره في أول صحيحه تعليقاً فقال‏:‏ وذكر عن ‏[‏ص 58‏]‏ عائشة قالت‏:‏ أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم‏.‏ الثاني أنه يوهم أن حديث أبي داود لا علة فيه وهو بخلافه بل هو منقطع فإنه أوله من حديث ميمون بن أبي شبيب أن عائشة مرّ بها سائل فأعطته كسرة ومرّ بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل فقيل لها في ذلك فقالت‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم‏:‏ أنزلوا إلخ‏.‏ قال النووي في رياضه‏:‏ ميمون لم يدرك عائشة قال وذكره الحاكم في علوم الحديث وذكر أنه صحيح‏.‏

2736 - ‏(‏أنزل‏)‏ يا معاذ بن جبل ‏(‏الناس منازلهم‏)‏ أي المنازل التي أنزلهم اللّه إياها ‏(‏من‏)‏ وفي رواية في ‏(‏الخير والشر‏)‏ فإن الإكرام غذاء الآدمي والتارك لتدبير اللّه تعالى في خلقه لا يستقيم حاله وقد دبر اللّه تعالى الأحوال لعباده غنىً وفقراً وعزاً وذلاً ورفعةً وضعةً ليبلوكم أيكم أشكر فالعامل عن اللّه يعاشر أهل دنياه على ما دبر اللّه لهم فإذا لم ينزله المنزلة التي أنزله اللّه ولم يخالقه بخلق حسن فقد استهان به وجفاه وترك موافقة اللّه في تدبيره فإذا سوّيت بين شريف ووضيع أو غني وفقير في مجلس أو عطية كان ما أفسدت أكثر مما أصلحت، فالغني إذا أقصيت مجلسه أو أحقرت هديته يحقد عليك لما أن اللّه تعالى لم يعوده ذلك وإذا عاملت الولاة بمعاملة الرعية فقد عرضت نفسك للبلاء وقوله في الخير والشر يريد به أن من يستحق الهوان فلا يرفع أنفع قال عليّ‏:‏ من أنزل الناس منازلهم رفع المؤونة عن نفسه ومن رفع أخاه فوق قدره فقد اجتر عداوته وقال زياد‏:‏ انضم مركبنا إلى مركب أبي أيوب الأنصاري ومعنا رجل مزاح فكان يقول لصاحب طعامنا جزاك اللّه خيراً وبراً فيغضب فقال‏:‏ اقلبوه له فإنا كنا نتحدث أن من لم يصلحه الخير يصلحه الشر فقال له المزاح‏:‏ جزاك اللّه شراً فضحك وقال‏:‏ ما تدع مزاحك ‏(‏وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة‏)‏ أي تلطف في تعليمهم رياضة النفس على التحلي بمحاسن الأخلاق والتخلي عن رذائلها قال أبو زيد الأنصاري‏:‏ الأدب يقع على كل رياضة محمودة يتحرك بها الإنسان في فضيلة من الفضائل‏.‏

- ‏(‏الخرائطي‏)‏ في كتاب ‏(‏مكارم الأخلاق عن معاذ‏)‏ بن جبل‏.‏

2737 - ‏(‏أنشد اللّه‏)‏ بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة واللّه بالنصب وفي رواية باللّه ‏(‏رجال أمتي‏)‏ أي أسألهم باللّه وأقسم عليهم به ‏(‏لا يدخلون الحمام إلا بمئزر‏)‏ يستر عورتهم عمن يحرم نظره إليها فإن كشف العورة بحضرته حرام ‏(‏وأنشد اللّه نساء أمتي أن لا يدخلن الحمام‏)‏ أي مطلقاً لا بإزار ولا بغيره كما يدل عليه ما قبله فدخول الحمام لهنَّ مكروه تنزيهاً إلا لضرورة متأكدة كنفاس أو حيض وكان الإغتسال في غيره يضرها قال ابن حجر‏:‏ معنى أنشد أسأل رافعاً نشدتي أو صوتي‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب غيره أيضاً‏.‏

2738 - ‏(‏انصر أخاك‏)‏ في رواية أعن أخاك في الدين ‏(‏ظالماً‏)‏ بمنعه الظلم من تسمية الشيء بما يؤول إليه وهو من وجيز البلاغة ‏(‏أو مظلوماً‏)‏ بإعانته على ظالمه وتخليصه منه ‏(‏قيل‏)‏ يعني قال أنس‏:‏ ‏(‏كيف أنصره ظالماً‏)‏ يا رسول اللّه ‏(‏قال‏:‏ تحجزه عن الظلم‏)‏ أي تمنعه منه وتحول بينه وبينه ‏(‏فإن ذلك‏)‏ أي منعه منه ‏(‏نصرة‏)‏ له أي منعك إياه من الظلم نصرك إياه على شيطانه الذي يغويه وعلى نفسه الأمارة بالسوء لأنه لو ترك على ظلمه جره إلى الاقتصاص منه فمنعه من ‏[‏ص 59‏]‏ وجوب القود نصرة له وهذا من قبيل الحكم للشيء وتسميته بما يؤول إليه وهو من عجيب الفصاحة ووجيز البلاغة‏.‏

- ‏(‏حم خ‏)‏ في المظالم ‏(‏ت‏)‏ في الفتن ‏(‏عن أنس‏)‏ وروى مسلم معناه عن جابر‏.‏

2739 - ‏(‏انصر أخاك ظالماً كان أو مظلوماً‏)‏ قيل‏:‏ كيف يا رسول اللّه ذلك‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏إن يك ظالماً فاردده عن ظلمه وإن يك مظلوماً فانصره‏)‏ وفي رواية للبخاري انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً‏.‏ قالوا‏:‏ هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً فقال‏:‏ تأخذ فوق يديه، كنى عن كفه عن الظلم بالفعل إن لم يكن بالقول وعبر بالفوقية إيماء إلى الأخذ بالاستعلاء والقوة وفيه وفيما قبله إشعار بالحث على محافظة الصديق والاهتمام بشأنه ومن ثم قيل حافظ على الصديق ولو على الحريق‏.‏

في المفاخر للضبي إن أوّل من قال انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً جندب بن العنبر وعنى به ظاهره وهو ما اعتيد من حمية الجاهلية لا على ما فسره المصطفى صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

- ‏(‏الدارمي‏)‏ في مسنده ‏(‏وابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه وفي الباب عائشة وغيرها‏.‏

2740 - ‏(‏انظر‏)‏ من النظر بمعنى إعمال الفكر ومزيد التدبر والتأمل‏.‏ قال الراغب‏:‏ والنظر إجالة الخاطر نحو المرئي لإدراك البصيرة إياه فللقلب عين كما أن للبدن عيناً ‏(‏فإنك لست بخير من‏)‏ أحد من الناس ‏(‏أحمر‏)‏ أي أبيض ‏(‏ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى‏)‏ أي تزيد عليه في وقاية النفس عما يضرها في الآخرة ومراتبها ثلاثة‏:‏ التوقي عن العذاب المخلد ثم عن كل محرم ثم ما يشغل السر عن الحق تقدس‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي ذر‏)‏ قال الهيثمي كالمنذري‏:‏ رجاله ثقات إلا أن بكر بن عبد اللّه المزني لم يسمع من أبي ذر‏.‏

2741 - ‏(‏انظروا قريشاً‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ من النظر الذي هو التأمل والتصفح ‏(‏فخذوا من قولهم وذروا فعلهم‏)‏ أي اتركوا اتباعهم في أفعالهم فإنهم ذو الرأي المصيب والحدس الذي لا يخطئ ولا يخيب لكنهم قد يفعلون ما لا يسوغ شرعاً فاحذروا متابعتهم فيه‏.‏

- ‏(‏حم حب عن عامر بن شهر‏)‏ بمعجمة الهمداني أبي الكنود بفتح الكاف ثم نون صحابي نزل الكوفة وهو أحد عمال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم على اليمن وأوّل من اعترض على الأسود الكذاب باليمن‏.‏

2742 - ‏(‏انظروا إلى من هو أسفل منكم‏)‏ أي في أمور الدنيا أي الأحق والأولى ذلك ‏(‏ولا تنظروا إلى من هو فوقكم‏)‏ فيها ‏(‏فهو أجدر‏)‏ أي فالنظر إلى من هو أسفل لا إلى من هو فوق حقيق ‏(‏أن لا تزروا‏)‏ أي بأن لا تحتقروا ‏(‏نعمة اللّه عليكم‏)‏ فإن المرء إذا نظر إلى من فضل عليه في الدنيا طمحت له نفسه واستصغر ما عنده من نعم اللّه وحرص على الازدياد ليلحقه أو يقاربه وإذا نظر للدون شكر النعمة وتواضع وحمد‏.‏ قال الغزالي‏:‏ وعجب للمرء كيف لا يساوي دنياه بدينه أليس إذا لامته نفسه فارقها يعتذر إليها بأن في الفساق كثرة فينظر أبداً في الدين إلى من هو دونه لا لمن فوقه أفلا يكون في الدنيا كذلك‏.‏ وقال الحكيم‏:‏ لا يزال الإنسان يترقى في درجات النظر علواً علواً كلما نال درجة سما به حرصه إلى النظر إلى ما فوقها فإذا نظر إلى من دونه في درجات الدين اعتراه العجب فأعجب بنفسه فطال بتلك الدرجة على الخلق واستطال ‏[‏ص 60‏]‏ فرمى به من ذلك العلو فلا يبقى منه عضو إلا انكسر وتبدّد وكذا درجات الدنيا إذا رمى ببصره إلى من دونه تكبر عليه فتاه على اللّه بكبره وتجبر على عباده فخسر دينه وقد أخذ هذا الحديث محمود الورّاق فقال‏:‏

لا تنظرن إلى ذوي الـ * مؤثل والرياش

فتظل موصول النها * ر بحسرة قلق الفراش

وانظر إلى من كان مثـ * لك أو نظيرك في المعاش

تقنع بعيش كيف كا * ن وترض منه بانتعاش‏.‏

- ‏(‏حم م ت‏)‏ كلاهما في الزهد ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

2743 - ‏(‏انظرن‏)‏ بهمزة وصل وضم المعجمة من النظر بمعنى التفكر والتأمل والتدبر ‏(‏من‏)‏ استفهام ‏(‏إخوانكنَّ‏)‏ أي تأملنَّ أيها النساء في شأن إخوانكنَّ من الرضاع أهو رضاع صحيح بشرطه من وقوعه ضمن الرضاعة وقدر الارتضاع فإن التحريم إنما يثبت إذا توفرت الشروط قاله لعائشة وقد رأى عندها رجلاً ذكرت أنه أخوها منه ثم علل الباعث على إمعان النظر بقوله ‏(‏فإنما‏)‏ الفاء تعليلية لقوله انظرن ‏(‏الرضاعة‏)‏ المحرّمة للخلوة ‏(‏من المجاعة‏)‏ بفتح الميم الجوع أي إنما الرضاعة المحرمة ما سدّ مجاعة الطفل من اللبن بأن أغذاه وأنبت لحمه وقوّى عظمه فلا يكفي بنحو مصتين ولا إن كان بحيث لا يشبعه إلا الخبز كأن جاوز الحولين لأن المدار على تقوية عظمه ولحمه من لبنها بحيث يصير كجزء منها وأدنى ما يحصل ذلك خمس رضعات تامات في حال يكون اللبن فيه كافياً للطفل مشبعاً له لضعف معدته وإنما يكون ذلك فيما دون حولين‏.‏

- ‏(‏حم ق د ن ه عن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ دخل عليَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم وعندي رجل فقال‏:‏ يا عائشة من هذا‏؟‏ قلت‏:‏ أخي من الرضاعة فذكره‏.‏

2744 - ‏(‏انظري‏)‏ أيتها المرأة التي هي ذات بعل ‏(‏أين أنت منه‏)‏ أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من مودّة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه كافرة لعشرته وإنعامه ‏(‏فإنما هو‏)‏ أي الزوج ‏(‏جنتك ونارك‏)‏ أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار بسخطه عليك فأحسني عشرته ولا تخالفي أمره فيما ليس بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال‏:‏ أذات زوج أنت‏؟‏ قالت‏:‏ نعم قال‏:‏ كيف أنت منه‏؟‏ قالت‏:‏ لا آلوه إلا ما عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز كبيرة‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏طب عن عمة حصين‏)‏ بضم الحاء وفتح الصاد بضبط المؤلف ‏(‏ابن محصن‏)‏ بضم أوله وسكون ثانيه وكسر الصاد المهملة قال حصين‏:‏ حدثتني عمتي أنها ذكرت زوجها للنبي صلى اللّه عليه وسلم فذكره وصنيع المؤلف قاض بأنه لم ير هذا في أحد الكتب الستة وإلا لما أبعد النجعة وعدل لغيرها وهو عجيب فقد رواه النسائي من طريقين وعزاه له جمع جم منهم الذهبي في الكبائر ولفظه‏:‏ قالت عمة حصين وذكرت زوجها للنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ انظري أين أنت منه فإنه جنتك ونارك أخرجه الذهبي من وجهين وفي الباب أحاديث كثيرة هذا نصه بحروفه‏.‏

2745 - ‏(‏أنعم على نفسك‏)‏ بالإنفاق عليها مما آتاك اللّه من غير إسراف ولا تقتير ‏(‏كما أنعم اللّه عليك‏)‏ أي ولا يحجزك عن ذلك خوف الفقر فإن الحرص لا يزيل الفقر، كل حريص فقير ولو ملك الدنيا، وكل قانع غني وإن كان صفر اليدين ومن حق من كان عبداً لغني أن يتحقق أنه غني بغنى سيده ففي الإمساك خوف الفقر إباق العبد عن ربه‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ ‏[‏ص 61‏]‏ في التاريخ ‏(‏عن والد أبي الأحوص‏)‏ بحاء وصاد مهملتين‏.‏

2746 - ‏(‏أنفق‏)‏ بفتح الهمزة أمر بالإنفاق ‏(‏يا بلال ولا تخشى من ذي العرش‏)‏ قيد للمنفي ‏(‏إقلالاً‏)‏ فقراً من قلّ بمعنى افتقر وهو في الأصل بمعنى صار ذا قلة وما أحسن من ذي العرش في هذا المقام أي أتخاف أن يضيع مثلك من هو مدبر الأمر من السماء إلى الأرض‏؟‏ كلا‏.‏ قال الطيبي‏:‏ الذي يقتضيه مراعاة السجع أن يوقف على بلال وإقلال بغير ألف وإن كتب بالألف ليزدوجا كما في قولهم آتيك بالغدايا والعشايا وقوله ارجعن مأزورات غير مأجورات اهـ‏.‏ وإنما أمره بذلك لأنه تعالى وعد على الإنفاق خلفاً في الدنيا وثواباً في العقبى فمن أمسك عن الإنفاق خوف الفقر فكأنه لم يصدق اللّه ورسوله‏.‏ قال الطيبي‏:‏ وما أحسن ذكر العرش في هذا المقام‏.‏ قال الغزالي‏:‏ قال سفيان‏:‏ ليس للشيطان سلاح كخوف الفقر فإذا قبل ذلك منه أخذ بالباطل ومنع من الحق وتكلم بالهوى وظنَّ بربه ظنَّ السوء وخرج الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري عن بلال يرفعه يا بلال الق اللّه فقيراً ولا تلقه غنياً قال‏:‏ إذا رزقت فلا تمنع قال‏:‏ وكيف لي بذلك‏؟‏ قال‏:‏ ذاك وإلا فالنار قال المؤلف في مختصر الموضوعات‏:‏ وهذه الأحاديث كانت في صدر الإسلام حين كان الإدخار ممنوعاً والضيافة واجبة ثم نسخ الأمران وإنما يدخل الدخيل على كثير من الناس لعدم علمهم بالنسخ‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن بلال‏)‏ المؤذن قال‏:‏ دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم وعندي صبر من تمر فقال‏:‏ فما هذا فقلت‏:‏ ادخرناه لشتائنا قال‏:‏ أما تخاف أن ترى له بخاراً في جهنم أنفق إلخ قال الهيثمي‏:‏ إسناده حسن ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم على بلال وعنده صبر فقال‏:‏ ما هذا قال‏:‏ أعددته لأضيافك فذكره‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ قال رواه بإسنادين أحدهما حسن وفي الآخر قيس بن الربيع وفيه كلام وبقية رجاله ثقات ورواه أيضاً عن أبي هريرة وفيه مبارك بن فضيلة وبقية رجاله رجال الصحيح انتهى وأطلق الحافظ العراقي أن الحديث ضعيف من جميع طرقه لكن قال تلميذه الحافظ ابن حجر في زوائد البزار إسناد حديثه حسن‏.‏

2747 - ‏(‏أنفقي‏)‏ أي تصدقي يا أسماء بنت أبي بكر الصديق ‏(‏ولا تحصي‏)‏ لا تبقي شيئاً للإدخار أو لا تعدي ما أنفقتيه فتستكثريه فيكون سبباً لانقطاع إنفاقك ‏(‏فيحصي اللّه عليك‏)‏ أي يقلل رزقك بقطع البركة أو بحبس مادته أو بالمحاسبة عليه في الآخرة وهو بالنصب جواب النهي- قوله‏:‏ وهو بالنصب جواب النهي‏:‏ الصحيح أنه منصوب بأن مضمرة وجوباً بعد فاء السببية اهـ- والإحصاء مجاز عن التضييق لأن العد ملزومه أو من الحصر الذي هو المنع ‏(‏ولا توعي‏)‏ بعين مهملة أي لا تحفظي فضل مالك في الوعاء وهو الظرف أو لا تجمعي شيئاً في الوعاء وتدخريه بخلاً به ‏(‏فيوعي اللّه عليك‏)‏ أي يمنع عنك مزيد نعمته عبر عن منع اللّه بالإيعاء ليشاكل قوله لا توعي فإسناد الإيعاء إليه تعالى المشاكلة والإحصاء معرفة قدر الشيء وزناً أو عداً أو كيلاً وكثيراً ما يراد بالإنفاق في كلام الشارع الأعم من الزكاة والصدقة فيشمل جميع وجوه الإنفاق من المعارف والحظوظ التي تكسب المعالي وتنجي من المهالك‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن أسماء بنت أبي بكر‏)‏ قالت‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه مالي مال إلا ما أدخل علي الزبير - أي زوجها - أفأتصدق‏؟‏ فذكره‏.‏

2748 - ‏(‏أنكحوا‏)‏ أي أكثروا من الوطئ ‏(‏فإني مكاثر بكم‏)‏ أي الأمم يوم القيامة كما يجيء في خبر آخر‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

‏[‏ص 62‏]‏ 2749 - ‏(‏أنكحوا الأيامى‏)‏ أي النساء اللاتي بلا أزواج جمع أيم وهو العزب ذكراً كان أو أنثى بكراً أم ثيباً كما في الصحاح ‏(‏على ما تراضى به الأهلون‏)‏ جمع أهل وهم الأقارب والمراد هنا الأولياء ‏(‏ولو قبضة‏)‏ بفتح القاف وتضم ملء اليد ‏(‏من أراك‏)‏ أي ولو كان الصداق الذي وقع عليه التراضي شيئاً قليلاً جداً أي لكنه يتمول فإنه جائز صحيح وفيه رد على الحنفية في إيجابهم أن لا ينقص عن عشرة دراهم والأراك شجر معروف يستاك بقضبانه الواحدة أراكة أو شجرة طويلة ناعمة كثيرة الورق والأغصان خوارة العود ولها ثمر في عناقيد يملأ العنقود الكف ولا تبعد إرادته هنا‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه ضعفوه انتهى وقال ابن حبان‏:‏ يروى عن أبيه نسخة كلها موضوعة وقال الدارقطني‏:‏ أبوه ضعيف أيضاً‏.‏

2750 - ‏(‏أنكحوا أمهات الأولاد فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة‏)‏ يحتمل أن المراد بأمهات الأولاد النساء التي يلدن فهو حث على نكاح الولود وأن المراد السراري جمع سرية نسبة إلى السر وهو الجماع والإخفاء لأن المرء كثيراً ما يسر بها ويسترها عن حرمه وضمت سينه لأن الأبنية قد تغير في النسبة خاصة كما قالوا في السنة للدهر دهري وجعلها الأخفش من السرور لأنه يسر بها‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا أبو يعلى ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال الهيثمي‏:‏ وفيه يحيى بن عبد اللّه المغافري وقد وثق وفيه ضعف‏.‏

2751 - ‏(‏أنهاكم عن كل مسكر‏)‏ أي عن كل شيء من شأنه الإسكار ‏(‏أسكر عن الصلاة‏)‏ أي أزال كثرة العقل عن التمييز حتى صد عن أداء الصلاة كما أشير إليه بقوله تعالى ‏{‏ويصدّكم عن ذكر اللّه وعن الصلاة فهل أنتم منتهون‏}‏ سواء اتخذ ذلك من العنب أم من غيره‏.‏ قال النووي‏:‏ هذا صريح في أن كل مسكر حرام وإن كان من غير العنب‏.‏ وقال القرطبي‏:‏ هذا حجة على من يعلق التحريم على وجود الإسكار والشارب من غير اعتبار وصف المشروب وهم الحنفية واتفق أصحابنا على تسمية جميع الأنبذة خمراً لكن قال أكثرهم هو مجاز وحقيقة الخمر عصير العنب وقال جمع‏:‏ حقيقة فيهما‏.‏ وقال ابن السمعاني‏:‏ قياس النبيذ على الخمر بعلة الإسكار والإطراب من جلي الأقيسة وأوضحها والمفاسد التي توجد في الخمر توجد في النبيذ ومن ذلك أن علة الإسكار في الخمر كون قليله يدعو إلى كثيره وذلك موجود في النبيذ فالنبيذ عند عدم الخمر يقوم مقامه لحصول الفرح والطرب بكل منهما وإن كان النبيذ أغلظ والخمر أرق وأصفى لكن الطبع يحتمل ذلك في النبيذ لحصول السكر كما يحتمل المرارة في الخمر لطلب السكر قال‏:‏ وبالجملة فالنصوص المحرمة بتحريم كل مسكر وإن قل مغنية عن القياس‏.‏

- ‏(‏م عن أبي موسى‏)‏ الأشعري قال‏:‏ استفتي النبي صلى اللّه عليه وسلم في البتع بكسر فسكون نبيذ العسل والمزن نبيذ الشعير حتى ينبذ أي حتى يشتد فذكره‏.‏

2752 - ‏(‏أنهاكم عن الكي‏)‏ نهي تنزيه كما يعرف من أخبار أخرى وفي غير حالة الضرورة وعدم قيام غيره مقامه وقيل إنما نهى عنه لأنهم كانوا يعظمونه ويرون أنه يبرئ ولا بد أو أنه ينهى عنه قبل نزول الداء وعن استعماله على العموم فإن له داء مخصوصاً ومحلاً مخصوصاً وفي مسلم عن عمران أنه كان يسلم عليه الملائكة فلما اكتوى تركت السلام فلما تركه يعني تاب عاد السلام عليه ‏(‏وأكره الحميم‏)‏ أي الماء الحار أي استعماله في نحو الشرب والطهارة لكن المراد إذا كانت شديدة ‏[‏ص 63‏]‏ الحرارة لضرره ولمنعه الإساغة والكراهة حينئذ شرعية بل إن تحقق الضرر كان النهي للتحريم‏.‏

- ‏(‏ابن قانع‏)‏ في معجم الصحابة ‏(‏عن سعد الظفري‏)‏ بفتح الظاء المعجمة والفاء وآخره راء نسبة إلى ظفر بطن من الأنصار قال الذهبي‏:‏ الأصح أنه سعد بن النعمان بدري‏.‏

2753 - ‏(‏أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره‏)‏ سواء كان من عصير العنب أو من غيره فالقطرة من المسكر حرام وإن انتفى تأثيرها فبين بهذا أن كل ما كانت فيه صلاحية الإسكار حرم تناوله وإن لم يسكر متناوله بما تناوله لقلته كقطرة واحدة‏.‏

- ‏(‏ن عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص، قال الزين العراقي‏:‏ قال البيهقي في الخلافيات‏:‏ رواته ثقات ورواه عنه أيضاً ابن حبان والطحاوي واعترف بصحته‏.‏

2754 - ‏(‏أنهاكم عن صيام يومين‏)‏ أي يوم عيد ‏(‏الفطر و‏)‏ يوم عيد ‏(‏الأضحى‏)‏ فصومهما حرام ولا ينعقد ومثلهما أيام التشريق لأنها أيام أكل وشرب وذكر اللّه تعالى‏.‏

- ‏(‏ع عن أبي سعيد‏)‏ الخدري‏.‏

2755 - ‏(‏أنهاكم عن الزور‏)‏ وفي رواية من قول الزور أي الكذب والبهتان لتماديه في القبح والسماجه في جميع الأديان أو شهادة الزور ويؤيده أنه جاء في رواية كذلك أو هو كقولهم هذا حلال وهذا حرام وقولهم في التلبية لبيك لا شريك لك إلا شريك تملكه وما ملك والمراد اجتنبوا الانحراف عن سنن الشريعة لأن الزور من الإزورار وهو الانحراف فيرجع إلى الأمر بالاستقامة فكأنه قال استقم كما أمرت‏.‏

- ‏(‏طب عن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان‏.‏

2756 - ‏(‏أنهر‏)‏ وفي رواية أمر وأخرى أمرر ‏(‏الدم‏)‏ أي أسله ‏(‏بما شئت‏)‏ أي أزهق نفس البهيمة بكل ما أسال الدم غير السن والظفر ذكره الزمخشري شبه خروج الدم من محل الذبح بجري الماء في النهر ‏(‏واذكر اسم اللّه عليه‏)‏ تمسك به من شرط التسمية عند الذبح وحمله الشافعية على الندب لخبر إن قوماً قالوا‏:‏ يا رسول اللّه إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم اللّه عليه أم لا قال‏:‏ سموا أنتم وكلوا‏.‏

- ‏(‏ن‏)‏ في الصيد والذبائح ‏(‏عن عدي بن حاتم‏)‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه أرسل كلبي فيأخذ الصيد ولا أجد ما أذكيه به أفأذكيه بالمروة أي وهي حجر أبيض والعصا فذكره وظاهر صنيع المؤلف أن النسائي تفرَّد به عن الستة والأمر بخلافه بل خرَّجه أيضاً عن عدي أبو داود وابن ماجه‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ ورواه أيضاً الحاكم وابن حبان ومداره على سماك بن حرب عن مرمى عن قطري عن عدي انتهى‏.‏

2757 - ‏(‏أنهشوا اللحم‏)‏ أزيلوه عن العظم بالفم ولا تحزوه بالسكين قالوا‏:‏ ونهش اللحم أخذه بمقدم الأسنان قال ابن العربي‏:‏ وإذا فعل غير ذلك لا يرده في القصعة وليحبسه بيده وليضعه أمامه ‏(‏نهشاً‏)‏ بشين معجمة بخطه وقال الحافظ العراقي‏:‏ بسين مهملة ولعلهما روايتان وهما بمعنى عند الأصمعي وبه جزم الجوهري‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ والأمر للإرشاد بدليل تعليله بقوله ‏(‏فإنه أشهى وأهنأ وأمرأ‏)‏ وفي رواية وأبرأ أي من السوء ونهش اللحم أخذه بمقدم الأسنان يقال هنؤ الطعام يهنو فهو هني ومرؤ فهو مري أي صار كذلك وهنأ في الطعام ومرأ من حد ضرب أي ساغ لي فإذا أفردوا قالوا‏:‏ أمرأني بالألف وفي الكشاف‏:‏ الهني والمري صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ إذا كان سائغاً ما ينقبض‏.‏ قيل‏:‏ الهني ما يلذ به الآكل والمري ما تحمد عاقبته وقيل‏:‏ هو ما ينساغ في مجراه‏.‏ قال العراقي‏:‏ ولم يثبت النهي ‏[‏ص 64‏]‏ عن قطع اللحم بالسكين بل ثبت الحز من الكتف فيختلف باختلاف اللحم كما لو عسر نهشه بالسنِّ فيقطع بالسكين وكذا لو لم يحضر سكين وكذا يختلف بحسب العجلة والتأني‏.‏

- ‏(‏حم ت ك عن صفوان بن أمية‏)‏ بضم الهمزة وفتح الميم وشدِّ المثناة تحت‏.‏ قال الترمذي‏:‏ لا نعرفه إلا من حديث عبد الكريم انتهى وتعقبه مغلطاي بأنه في كتاب الأطعمة لأبي عاصم من حديث الفضل بن عباس قال‏:‏ كنا في وليمة فسمعت صفوان يقول فذكره قال أعني مغلطاي‏:‏ وفيه شيء آخر وهو أن حديث أبي عاصم متصل وحديث الترمذي منقطع فيما بين عثمان بن أبي سليمان وصفوان اهـ وجزم الحافظ العراقي بضعف سنده‏.‏

2758 - ‏(‏أنهكوا الشوارب‏)‏ أي استقصوا قصها والإنهاك الاستقصاء ‏(‏وأعفوا اللحى‏)‏ أي اتركوها فلا تأخذوا منها شيئاً‏.‏

- ‏(‏خ عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب وظاهره أن ذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه والأمر بخلافه فقد عزاه الديلمي وغيره إلى مسلم من حديث عبد اللّه بن عمر‏.‏

2759 - ‏(‏اهتبلوا‏)‏ أي اغتنموا الفرصة قال الزمخشري‏:‏ من المجاز هو مهتبل عزته وسمعت كلمة فاهتبلتها اغتنمتها وافترصتها انتهى ومنه أخذ في النهاية قول اهتبل كذا اغتنمه ‏(‏العفو عن عثرات ذوي المروءات‏)‏ أي أصحاب المروءات فإن العفو عنهم فيها مندوب ندباً مؤكداً والخطاب للأئمة أو أعم وقد سبق هذا موضحاً‏.‏

- ‏(‏أبو بكر المرزبان‏)‏ بفتح الميم وسكون الراء وضم الزاي وفتح الباء الموحدة نسبة إلى جده وهو محمد بن عمران بغدادي صاحب أخبار وتصانيف ‏(‏في كتاب المروءة عن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

2760 - ‏(‏اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ‏)‏ أي تحرك فرحاً وسروراً بنقلته من دار الفناء إلى دار البقاء لأن أرواح الشهداء مستقرها تحت العرش تأوي إلى قناديل هناك كما في خبر وإذا كان العبد ممن يفرح خالق العرش بلقائه فالعرش يدق في جنب خالقه أو اهتز استعظاماً لتلك الوقعة التي أصيب فيها أو اهتز حملته فرحاً به فأقيم العرش مقام حامليه وقوله عرش الرحمن نص صريح يبطل قول من ذهب إلى أن المراد بالعرش السرير الذي حمل عليه قال ابن القيم‏:‏ كان سعد في الأنصار بمنزلة الصدّيق في المهاجرين لا تأخذه في اللّه لومة لائم وختم له بالشهادة وآثر رضا اللّه ورسوله على رضا قومه وحلفائه ووافق حكمه حكم اللّه من فوق سبع سماوات ونعاه جبريل عليه السلام يوم موته فحق له أن يهتز العرش له‏.‏

- ‏(‏حم م عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏حم ق ت ه عن جابر‏)‏ قال المصنف‏:‏ وهذا متواتر‏.‏

2761 - ‏(‏أهل البدع‏)‏ أي أصحابها جمع بدعة ما خالف الكتاب والسنة مجملاً أو مفصلاً ‏(‏شر الخلق‏)‏ مصدر بمعنى المخلوق ‏(‏والخليقة‏)‏ بمعناه فذكره للتأكيد أو أراد بالخلق من خلق وبالخليقة من سيخلق أو الخلق الناس والخليقة البهائم وإنما كانوا شر الخلق لأنهم أبطنوا الكفر وزعموا أنهم أعرف الناس بالإيمان وأشدهم تمسكاً بالقرآن فضلوا وأضلوا ذكره الطيبي وهذا مستمد من قوله تعالى ‏{‏قل إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه‏}‏ و ‏{‏أن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل‏}‏ الآية‏.‏ قال مجاهد‏:‏ السبل البدع وسبق أن الكلام في بدعة تخالف أصول الشرع وإلا كوضع المذاهب وتدوينها وتصنيف العلوم وتقرير القواعد وكثرة التفريع وفرض ما لم يقع وبيان حكمه وتفسير القرآن ‏[‏ص 65‏]‏ والسنة واستخراج علوم الأدب وتتبع كلام العرب فمندوب محبوب وأهله ليسوا بشر الخليقة بل خيرها‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث محمد بن عبد اللّه بن عمار عن المعافى بن عمران عن الأوزاعي عن قتادة ‏(‏عن أنس‏)‏ ثم قال‏:‏ تفرد به المعافى عن الأوزاعي بهذا اللفظ‏.‏

2762 - ‏(‏أهل الجنة عشرون ومئة صف ثمانون منها من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم‏)‏ لا يعارضه خبر ابن مسعود أنتم شطر أهل الجنة وفي رواية نصفهم لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم رجا أولاً أن يكونوا نصفاً فأعطاه اللّه رجاءه ثم زاده‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في صفة الجنة ‏(‏ه حب ك‏)‏ في الإيمان ‏(‏عن بريدة‏)‏ بن الحصيب وقال الحاكم‏:‏ على شرطهما وقال الترمذي‏:‏ حسن ولم يبين لم لا يصح‏.‏ قيل‏:‏ لأنه روي مرسلاً ومتصلاً قال في المنار‏:‏ ولا ينبغي أن يعد ذلك مانعاً لصحته ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه خالد بن شريك الدمشقي وهو ضعيف ووثق ‏(‏وعن ابن مسعود‏)‏ قال‏:‏ قال لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ كيف وأنتم ربع أهل الجنة لكم ربعها ولسائر الناس ثلاثة أرباعها فقلنا‏:‏ اللّه ورسوله أعلم فقال‏:‏ كيف أنتم وثلثها قالوا‏:‏ فذلك أكثر ثم ذكره قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة ‏(‏وعن أبي موسى‏)‏ الأشعري قال الهيثمي‏:‏ وفيه القاسم بن حصن وهو ضعيف وأعاده مرة أخرى ثم قال‏:‏ فيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف جداً وفي اللسان كالميزان هذا حديث منكر‏.‏

2763 - ‏(‏أهل الجنة جرد مرد‏)‏ أي لا شعر على أبدانهم ولا لحالهم قيل إلا هارون أخا موسى عليه الصلاة والسلام فإن لحيه إلى سرته تخصيصاً له وتفضيلاً، في ترجمة الأسعد وسئل عن ذلك فقال‏:‏

وما في جنان الخلد ذو لحية يرى * سوى آدم فيما روينا في الأثر

وما جاء في هارون فالذهبي قد * رأى ذاك موضوعا فكن صيقل الفكر

حكاه الغزالي وفي رواية ذكرها في لسان الميزان إلا موسى فلحيته إلى سرته ‏(‏كحل‏)‏ أي على أجفانهم سواد خلقي ‏(‏لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم‏)‏ قيل‏:‏ أراد أن الثياب المعينة لا يلحقها البلى ويحتمل إرادة الجنس بل لا تزال عليهم الثياب الجدد كما أنها لا تنقطع أكلها من حينه بل كل مأكول يخلفه مأكول آخر وكل ثمرة قطعت خلفتها أخرى وهكذا لا يقال الأبدان مركبة من أجزاء متضادة الكيفية متعرضة للاستحالات المؤدية إلى الانفكاك والانحلال فكيف يعقل خلودها في الجنان لأنا نقول إنه تعالى يعيدها بحيث لا يعتريها الاستحالة بأن يجعل أجزاءها مثلاً متفاوتة في الكيف متساوية في القوة لا يقوى شيء منها على إحالة الآخر متعانقة متلازمة لا ينفك بعضها عن بعض على أن قياس ذلك العالم وأحواله على ما نجده ونشاهده نقص عقل وضعف بصيرة‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في صفة الجنة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال حسن غريب اهـ وفيه معاذ بن هشام حديثه في الكتب الستة قال ابن معين‏:‏ صدوق وليس بحجة‏.‏

2764 - ‏(‏أهل الجنة من ملأ اللّه تعالى أذنيه من ثناء الناس خيراً وهو يسمع وأهل النار من ملأ اللّه أذنيه من ثناء الناس شراً وهو يسمع‏)‏ في البحر يحتمل أن معناه من ملأ أذنيه من ثناء الناس خيراً عمله ومن ملأ من ثناء الناس ‏[‏ص 66‏]‏ شراً عمله فكأنه قال‏:‏ أهل الجنة من لا يزال يعمل الخير حتى ينتشر عنه فيثنى عليه بذلك وفي الشر كذلك ومعنى قوله أهل الجنة أي الذين يدخلونها ولا يدخلون النار ومعنى أهل النار أي الذين استحقوها لسوء أعمالهم سموا بدخولها أهل النار لكنهم سيدخلون الجنة إذا صحبهم إيمان ويكون أهل النار بمعنى الذين استحقوها بعظائم وأفعال السوء ثم يخرجون بشفاعته ويجوز أن يرحم منهم من يشاء ولا يعذبه اهـ‏.‏ فإن قلت‏:‏ ما فائدة قوله وهو يسمع بعد قوله ملأ اللّه أذنيه‏؟‏ قلت‏:‏ قد يقال فائدته الإيمان إلى أن ما اتصف به من الخير والشر بلغ من الاشتهار مبلغاً عظيماً بحيث صار لا يتوجه إلى محل ويجلس بمكان إلا ويسمع الناس يصفونه بذلك فلم تمتلئ أذنيه من سماعه ذلك بالواسطة والإبلاغ بل بالسماع المستفيض المتواتر واستعمال الثناء في الذكر الجميل أكثر من القبيح كما في المصباح وجعله ابن عبد السلام حقيقة في الخير مجازاً في الشر‏.‏

- ‏(‏ه عن ابن عباس‏)‏ وفيه أبو الجوزاء قال الذهبي‏:‏ قال البخاري فيه نظر‏.‏

2765 - ‏(‏أهل الجور‏)‏ أي الظلم ‏(‏وأعوانهم في النار‏)‏ لأن الداعي إلى الجور الطيش والخفة والأشر والبطر الناشئ عن عنصر النار التي هي شعبة من الشيطان فجوزوا من جنس مرتكبهم‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الأحكام ‏(‏عن حذيفة‏)‏ وصححه وتعقبه الذهبي فقال‏:‏ بل منكر‏.‏

2766 - ‏(‏أهل الشام سوط اللّه تعالى في الأرض‏)‏ يعني هم عذابه الشديد يصبه على من يشاء من العبيد قال الزمخشري‏:‏ من المجاز ‏{‏صب عليهم ربك سوط عذاب‏}‏ أي فلما علم أن الضرب بالسوط أشد ألماً من غيره عبر به ‏(‏ينتقم بهم ممن يشاء من عباده‏)‏ أي يعاقبه بهم قال في الصحاح‏:‏ انتقم اللّه منه عاقبه ‏(‏وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم‏)‏ أي يمتنع عليهم ذلك ‏(‏وأن يموتوا إلا هماً‏)‏ أي قلقاً ‏(‏وغيظاً‏)‏ أي غضباً شديداً‏.‏ قال في المصباح‏:‏ الغيظ الغضب المحيط بالكبد وهو أشد الغضب ‏(‏وغماً‏)‏ أي كرباً ووهناً ‏(‏وحزناً‏)‏ في إشعاره إيذان بأن أهل الشام قد رزقوا حظاً في سيوفهم وشاهده ما رواه الخطيب في التاريخ أن عمر كتب إلى كعب الأحبار‏:‏ اختر لي المنازل فكتب إليه‏:‏ بلغنا أن الأشياء اجتمعت فقال‏:‏ السخاء أريد اليمن فقال‏:‏ حسن الخلق أنا معك وقال‏:‏ الجفاء أريد الحجاز فقال‏:‏ الفقر وأنا معك وقال‏:‏ البأس أريد الشام فقال السيف وأنا معك وقال‏:‏ العلم أريد العراق فقال‏:‏ العقل وأنا معك وقال‏:‏ الغنى أريد مصر فقال‏:‏ الذل وأنا معك فاختر لنفسك‏.‏

- ‏(‏حم ع طب والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن خريم‏)‏ بضم الخاء المعجمة وفتح الراء ‏(‏بن فاتك‏)‏ بفتح الفاء وكسر المثناة التحتية الأسدي الصحابي قال ابن أبي حاتم‏:‏ بدري له صحبة وقال الهيثمي‏:‏ رواه أحمد والطبراني موقوفاً على خريم ورجالهما ثقات‏.‏

2767 - ‏(‏أهل القرآن‏)‏ أي حفظته الملازمون لتلاوته العاملون بأحكامه في الدنيا وقيل أهله من بحث على أسراره ومعانيه ‏(‏عرفاء أهل الجنة‏)‏ الذين ليسوا بقرء أي هم زعماؤهم وقادتهم وفيه أن في الجنة أئمة وعرفاء فالأئمة الأنبياء فهم إمام القوم وعرفاءهم القرّاء والعريف من تحت يد الإمام فله شعبة من السلطان فالعرافة هناك لأهل القرآن الذين عرفوا بتلاوته وعملوا به‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن أبي أمامة الباهلي‏)‏‏.‏

‏[‏ص 67‏]‏ 2768 - ‏(‏أهل القرآن هم أهل اللّه وخاصته‏)‏ أي حفظة القرآن العاملون به هم أولياء اللّه المختصون به اختصاص أهل الإنسان به سموا بذلك تعظيماً لهم كما يقال بيت اللّه‏.‏ قال الحكيم‏:‏ وإنما يكون هذا في قارئ انتفى عنه جور قلبه وذهب جناية نفسه فأمنه القرآن فارتفع في صدره وتكشف له عن زينته ومهابته فمثله كعروس مزين مد يده إليها دنس متلوث متلطخ بالقذر فهي تعافه وتتقذّره فإذا تطهر وتزين وتطيب فقد أدّى حقها وأقبلت إليه بوجهها فصار من أهلها فكذا القرآن فليس من أهله إلا من تطهر من الذنوب ظاهراً وباطناً وتزين بالطاعة كذلك فعندها يكون من أهل اللّه وحرام على من ليس بهذه الصفة أن يكون من الخواص وكيف ينال هذه الرتبة العظمى عبد أبق من مولاه واتخذ إلهه هواه‏؟‏ ‏{‏سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق‏}‏‏.‏

- ‏(‏أبو القاسم بن حيدر في مشيخته عن علي‏)‏ أمير المؤمنين وظاهره أنه لا يوجد مخرجاً لأحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول عجيب فقد خرجه النسائي في الكبرى وابن ماجه وكذا الإمام أحمد والحاكم من حديث أنس قال الحافظ العراقي‏:‏ بإسناد حسن والعجب أن المصنف نفسه عزاه لابن ماجه وأحمد في الدرر عن أنس المذكور باللفظ المزبور‏.‏

2769 - ‏(‏أهل النار كل جعظري‏)‏ أي فظ غليظ متكبر أو جسم عظيم أكول ‏(‏جواظ‏)‏ أي جموع منوع أو ضخم مختال في مشيته أو صياح مهدر ‏(‏مستكبر‏)‏ أي متعاظم مرتفع تيهاً وعجباً ‏{‏إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين‏}‏ ‏(‏وأهل الجنة الضعفاء‏)‏ أي هم المتواضعون الخاضعون ضد المتكبرين الأشرين فهم الضعفاء عن حمل التكبر وأدنى الناس بمال أو جاه أو قوة بدن وعن المعاصي ‏(‏المغلبون‏)‏ بشد اللام المفتوحة أي الذين كثيراً ما يغلبون والمغلب الذي يغلب كثيراً وهؤلاء هم أتباع الرسل في هذه الأخلاق وغيرها‏.‏

- ‏(‏ابن قانع‏)‏ في المعجم ‏(‏ك‏)‏ في التفسير ‏(‏عن سراقة‏)‏ بضم المهملة وخفة الراء وبالقاف ‏(‏ابن مالك‏)‏ ابن جعثم بضم الجيم وسكون المهملة الكناني بنونين المدلجي أبو سفيان أسلم بعد الطائف قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي‏.‏

2770 - ‏(‏أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة وأسمع طاعة‏)‏ في رواية للطبراني بدله وأنجع طاعة يقال نجع له بحق إذا أقر به وبالغ فيه والرقة ضد الغلظة والجفوة واللين ضد القسوة فاستعيرت في أحوال القلب فإذا تباعد عن الحق وأعرض عن قبوله وأعرض عن الآيات والنذر يوصف بالغلظة فكان شغافه صفيقاً لا ينفذ فيه الحق وجرمه طباً لا يؤثر فيه الحق وإذا انعكس ذلك يوصف بالرقة واللين فكان حجابه رقيقاً لا يأباه نفوذ الحق وجوهره يتأثر عن النصح والفؤاد والقلب وإن كان واحداً على ما عليه الأكثر لكن الخبر ينبئ عن التمييز بينهما وهو أن الفؤاد سمي به لنفوذه والقلب سمي قلباً لكثرة تقلبه فكأنه أراد بالأفئدة ما يظهر منها للأبصار وبالقلوب ما يظهر منها للبصائر‏.‏

- ‏(‏طب عن عقبة ابن عامر‏)‏ الجهني قال الهيثمي‏:‏ وإسناده حسن وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلى من الطبراني وهو عجب فقد رواه من هذا الوجه بهذا اللفظ أحمد في المسند‏.‏